مُقدِّمَةٌ عَنِ المشارِيعِ الدَّعوِيَّةِ 

فيما سبق تَطرَّقْنَا لِلحدِيثِ عَنِ الأَنشِطَةِ الدَّعوِيّةِ، وَقَد اِتَّضَحَ لَكَ بِأنَّ النَّشَاطَ الدَّعوِيَّ يخدُمُ عَادَةً هَدَفًا مُحدَّدًا، ويَندَرِجُ غَالِبًا تَحتَ مَجالٍ دَعوِيٍّ وَاحِدٍ؛ وممكِنٍ تَنفِيذُهُ –فِي الغالِب- بِواسِطَةِ دَاعِيَةٍ بمفرَدِهِ؛ وَلاَ يَتطلَّبُ عَمَلاً مُؤَسَّسَاتِيًّا أَو إِدَارِيًّا، وَقَد ذَكرنَا أَمثِلَةً لِأنشِطَةٍ دَعوِيَّةٍ مُتعدِّدَةٍ في مُختَلِفِ المجَالاَتِ الدَّعويّة

وفِي هذه الصفحة، سنَتَطرَّقُ لِلحدِيثِ عَنِ المشارِيعِ الدَّعوِيّةِ؛ والفَرقِ بَينَهَا وبينَ الأَنشِطَةِ الدَّعوِيّةِ؛ مَعَ التَّطرُّقِ لِبعضِ الأمثِلَةِ، كذَلِكَ سنَذكُرُ مَرَاحِلَ تَنفِيذِ المشارِيعِ الدَّعوِيّةِ ومَا تَتَطلَّبُهُ كُلُّ مَرحَلَهٍ مِن مَهَامٍ وَواجِبَاتٍ، مَع رَبطِ هَذِهِ المهَامِ بِالمجَالاَتِ الدَّعوِيَّةِ العَشَرَةِ التِي ذَكَرْنَاهَا سابِقًا

أوَّلًا؛ يَجدُرُ بِنَا التَّفرِيقُ بَينَ مَا نُسمِّيةِ (مَشرُوعًا دَعوِيًّا) وَبينَ مَا نُطلِقُ علَيهِ (نَشاطًا دَعوِيًّا) فَالمشارِيعُ الدَّعوِيَّةُ تختَلِفُ عَنِ الأَنشِطَةِ الدَّعوِيَّةِ مِنْ عِدَّةِ نَواحٍ كمَا يأتي

المشَارِيعُ الدَّعويَّةُ لَها نِطاقٌ أَوسَعُ وأَشمَلُ مِنَ الأَنشِطَةِ الدَّعويَّةِ وتُغطِّي عَادَةً عِدَّةَ مجالاَتٍ دَعوِيَّةٍ عِندَ تَنفِيذِهَا، فَالمشرُوعُ الدَّعوِيُّ قَد تَندَرِجُ تَحتَهُ بَعضُ الأنشِطَةِ الدَّعوِيَّةِ؛ والتِي بمفردِهَا تَخدُمُ غالِبًا مجالاً واحِدًا

حَجمُ الأعمَالِ المطلُوبَةِ لِتنفِيذِ المشَارِيعِ الدَّعوِيَّةِ: هو أَكبَرُ بِكثِيرٍ مِنْ تِلكَ الأَعمَالِ اللاَّزِمَةِ لِتنفِيذِ الأَنشطَةِ الدَّعوِيَّةِ، فَنَظَرًا لِكِبَرِ حَجمِ المشارِيعِ الدَّعوِيَّةِ؛ كَانَ مِنَ الأَجدَى تَجَزُّؤُ تَنفِيذِهَا لِعدَّةِ مَراحِلَ؛ بحيثُ تَشمَلُ كُلُّ مَرحَلَةٍ عِدَّةَ مَهامٍ وَوَاجِبَاتٍ

التَّوسُّعُ فِي عِدَّةِ مَجالاَتٍ دَعوِيَّةٍ: فَالمشارِيعُ الدَّعوِيَّةُ عَادَةً تَشمَلُ عِدَّةَ مَجالاَتٍ دَعوِيَّةٍ؛ بينَمَا تَكونُ الأنشِطَةُ الدَّعوِيَّةُ عادَةً مُرْتَكزَةً حولَ مَجالٍ دَعوِيٍّ وَاحِدٍ، فَعَلَى سَبيلِ المثَالِ؛ تَقدِيمُ مُحاضَرَةٍ أَو دَورَةٍ يُعتَبَرُ ضِمنَ مجالِ الدَّعوَةِ العامَّةِ، وَتَصمِيمُ مَوقِعٍ إِلكترُونيّ يَندَرِجُ تَحتَ مجالِ الدَّعوَةِ الإِلكترُونيّةِ، وَمُنَاقَشَةُ أَحَدِ الشَّبَابِ لِتَأصِيلِ العَقيدةِ الصَّحِيحَةِ وتَصحِيحِ المفَاهِيمِ يُعتَبَرُ ضِمنَ مَجالِ الدَّعوَةِ الفَردِيَّةِ

وعلَى الجَانِبِ الآخَرِ، تَنظيمُ مُلتَقَى أَو مِهرَجَانٍ دَعوِيٍّ هُوَ مِثَالٌ مِنْ أَمثِلَةِ المشارِيعِ الدَّعويّةِ إِذ يَتَطلَّبُ العمَلَ ضِمنَ عِدَّةِ مجالاَتٍ مِنهَا، الدَّعوَةُ العامَّةُ، التَّصمِيمُ والوَسائِلُ، العمَلُ الإِدارِيُّ التَّنظيمِيُّ، العَمَلُ القِيَادِيُّ، المجالُ الِإعلاَمِيُّ

الفترَةُ الزَّمنيَّةُ: فالمشارِيعُ الدَّعوِيَّةُ عَادَةً يَتَطلَّبُ تَنفِيذُهَا فَترَةً زمنِيَّةً أَطوَلَ؛ وَذلِكَ لِتعدُّدِ المهَامِ والأَعمَالِ المفتَرَضِ إِنجَازُهَا

الدَّيمومَةُ فيِ الأثَرِ الدَّعويِّ: فَالأَثَرُ الدَّعويُّ المتحصِّلُ كَثَمَرَةٍ لِتنفِيذِ المشارِيعِ الدَّعويَّةِ؛ عادَةً يكونُ أكثرَ اِستمْرَارِيَّةً ودَيمومَةً؛ مِنْ ذَلِكَ الأثَرِ الدَّعويِّ المتحصِّلِ مِنْ تَنفِيذِ نَشاطٍ دَعوِيٍّ، فَعَلَى سبِيلِ المثَالِ
الأَثَرُ المتحَصِّلُ مِنْ إِنشَاءِ مَدرَسَةٍ لتَعلِيمِ القُرآنِ الكرِيمِ كمَشرُوعٍ دَعوِيٍّ؛ أكثَرُ نِطاقًا وَأَطوَلُ أَمَدًا مِنَ الأَثَرِ المتحصِّلِ مِنْ تَنظِيمِ مُحاضَرَةٍ عَنْ أهمّيّةِ تَعلِيمِ القُرآنِ الكرِيمِ للنّاشِئَةِ، وبِالمثلِ يُمكنُ أَن يُقالَ: إِنَّ الأثَرَ المتحصِّلَ مِنْ إِنشَاءِ وَقفٍ خَيرِيٍّ أَعمَقُ وَأوسَعُ مِنَ الأَثَرِ المتحصِّلِ مِنْ تنظِيمِ وَرشَةٍ تَوعَوِيَّةٍ عَن أَهمّيّةِ الوَقفِ الخَيرِيِّ

الكادِرُ التَّنظِيميُّ: فَالمشارِيعُ الدَّعويّةُ عادَةً يَتطلَّبُ تَنفِيذُهَا إِشرَاكَ كادِرٍ بَشرِيٍّ؛ لَدَيهِ مهارَاتٌ وقُدُرَاتٌ مُختَلِفَةٌ لِتنفِيذِ الأَعمَالِ؛ بَدءًا مِنَ المرَاحِلِ الأُولَى لِلمشرُوعِ مِنْ تَخطِيطٍ وتوجِيهٍ وحتَّى المراحلَ النَّهائِيَّةَ لَهُ؛ لِمَا بَعدَ تَنفِيذِ هذِهِ المشارِيعِ مِن تَقيِيمٍ وَمُناقَشَةٍ

بَينَمَا أَحيَانًا بِإِمكانِ دَاعِيَةٍ وَاحِدٍ تَنفِيذُ نَشاطٍ دَعوِيٍّ بمفرَدِهِ كَإِلقَاءِ مُحاضَرَةٍ أَوْ نَشِيدٍ، لِذلِكَ فَإِنَّ تَنفِيذَ المشارِيعِ الدَّعوِيَّةِ يَتَطَلَّبُ وُجُودَ بِيئَةٍ حَاضِنَةٍ لِلمشرُوعُ (مُؤسّسَةٌ دَعوِيّةٌ) بخلاَفِ النَّشاطِ الدَّعوِيِّ

أمثِلَةٌ لِلمشارِيعِ والأَنشِطَةِ الدَّعويَّةِ


نَشاطٌ دَعوِيٌّ                       مَشرُوعٌ دَعَوِيٌّ
مُحاضَرَةٌ                            مُلتَقَى أَو مِهرَجَان
مُسابَقَةٌ ثَقَافِيَّةٌ                       إِنشَاءُ مَركَزٍ ثَقَافيٍّ
مُسابَقَةُ "اِقرَأ مِنْ كِتَاب"                إِنشَاءُ مَكتَبَةٍ
دَعوَةُ فَردٍ لِلإِسلَامِ                     تَنظِيمُ مُلتَقَى دَعوِيٍّ لِلجَالِيَّاتِ
تَنظِيمُ أُمسِيَّةٍ عَنِ المولِدِ النَّبوِيِّ          تَنظِيمُ مَعرَضٍ
 
ممّا سَبَقَ يُمكِنُنَا تعرِيفُ المشرُوعِ الدَّعويِّ بِأنَّهُ
كُلُّ مشرُوعٍ يُحقِّقُ هدَفًا أَو عِدَّةَ أهدَافٍ عَلَى مَدًى بَعِيدٍ، وتَكونُ لَهُ صِفَةَ الاِستمرَارِيَّةِ بِحيثُ يخدُمُ شرَائِحَ مختلِفَةً علَى مَدَى فَتَرَاتٍ مُتبَاعِدَةٍ، ويَتَطَلَّبُ لِتَنفِيذِهِ تَظَافُرَ جُهُودِ عَدَدٍ مِنَ الدُّعَاةِ، ومِنَ الأَفضَلِ إِدَارَتُهُ تحتَ مِظَلَّةٍ مُؤسَّساتِيَّةٍ لِضمَانِ تَنفِيذِهِ بِشكلٍ أَفضَلَ وَأكثَرَ إِتقَانًا

مراحِلُ تنفِيذِ المشرُوعِ الدَّعوِيِّ
لِتنفِيذِ أَيِّ مشرُوعٍ دَعوِيٍّ هُناكَ أَربَعَةُ مَراحِلَ أَساسِيَّةٍ وَهِيَ
 مرحلَةُ التَّخطِيطِ لِتنفِيذِ المشرُوعِ.
مَرحَلَةُ مَا قَبلَ تَنفِيذِ المشرُوعِ (مرحلَةُ الإِعدَادِ).
 مَرحلَةُ تَنفِيذِ المشرُوعِ.
  مرحلةُ مَا بعدَ تَنفيذِ المشرُوعِ.

وَفيِ كُلِّ مرحَلَةٍ مِنَ المراحِلِ المذكُورَةِ أَعلاَهُ؛ يَتَطلَّبُ تَنفِيذُ مجمُوعَةٍ مِنَ
الأَعمَالِ والمهَامِ التِي تَندَرِجُ تحتَ مجالاَتٍ دَعوِيَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ

فمَرحَلَةُ التَّخطِيطِ لِلمَشرُوعِ تَتَضمَّنُ تحدِيدَ الإِطارِ العامِّ للمَشرُوعِ؛ مِنْ حيثُ الرَّؤيةُ والهدَفُ ووَضعُ الجدوَلِ الزَّمنيِّ لتنفِيذِ المشرُوعِ؛ وَتحديدُ فِرقِ العمَلِ ومَا يتبعُهُ مِن تحدِيدِ المسؤُولِيَّاتِ لِأعضَاءِ فِرَقِ العَمَلِ؛ وتحدِيدُ آليَةِ مُتابَعَةِ تَنفِيذِ المشرُوعِ، وكمَا تَرَى فَإنَّ هذِهِ الأعمَالَ تَندَرِجُ تحتَ مجَالِ العَمَلِ القِيَادِيِّ

وَمرحَلَةُ مَا قَبلَ تَنفِيذِ المشرُوعِ (مرحَلَةُ الإِعدادِ) تَتَضمَّنُ القِيامَ بِبَعضِ الأعمَالِ للتَّهيئَةِ المسبَقَةِ لتَنفِيذِ المشرُوعِ؛ مِنْ مِثلِ مُخاطَبَةِ الجِهَاتِ المتَعاوِنَةِ، واللُّوجِستِيَاتِ المتعلِّقَةِ بمكَانِ تَنفِيذِ المشرُوعِ، وتَوفِيرُ الموارِدِ والمصادِرِ اللاَّزِمَةِ، وتَصمِيمُ إِعلاَنٍ للفَعَالِيَةِ، والتَّروِيجُ للفَعالِيَةِ عبرَ مُختَلِفِ الوَسائِلِ

والمرحلَةُ الثَّالثَةُ مرحَلَةُ تَنفِيذِ المشرُوعِ تَتَعلَّقُ بِالقِيَامِ بِالمهَامِ اللاَّزِمَةِ لِتنفِيذِ المشرُوعِ بِواسِطَةِ فِرَقِ العَمَلِ المختَلِفَةِ مَعَ الإِشرَافِ عَلَى تَنفِيذِ هذِه المهامِ مِنْ قِبَلِ قِيادَاتِ العمَلِ الدَّعوِيِّ

بَينَمَا المرحَلَةُ الرَّابِعَةُ أي مرحلةُ مَا بعدَ تَنفيذِ المشرُوعِ فهيَ مَعنِيَةٌ أَسَاسًا بِالتَّقيِيمِ والمتَابَعَة